شعر سركون بولص... نبتة زُرعت في مكان ليس أرضها؟
الشعر الشديد
ولد الشاعر سركون بولص عام 1944، فمعنى هذا أنه في وقت إجراء الحوار معه تجاوز الخمسين من عمره؛ أي أنه غادر تقريبًا هيجان الصبا والشباب، لكنه لا يزال يستعير أدوات تلك السنين في التعبير. كما يذكر بولص أسماء الشعراء الذين كان لهم السبق في كتابة قصيدة النثر العربية، مثل: يوسف الخال وأدونيس وأنسي الحاج ومحمد الماغوط وشوقي أبو شقرا وعصام محفوظ. ويصف ما قاموا به بأنه "ثورة حقيقيّة" في الشعر العربي.
وتجادله السيدة المحاورة بأن هذه الثورة تحولت إلى مأزق حقيقي؛ لأن ما جاء به هؤلاء مع تقادم السنين لم يكن غير شعرٍ "قليل الكثافة، أوصلنا إلى ما يسميه بعضهم (القصيدة العربية الواحدة) المكتوبة أصلاً بلغة الترجمة، والتي لا نفرق فيها بين شاعر وآخر". لكنه يجيبها بالكلام الغريب نفسه، والنبرة نفسها، يابسة إلى حد أن القارئ يشك في أنه يقرأ نصا أدبيا وليس مجرد حوار بين شخصين.
يتحدث عن التجديد والتجاوز وبركان اللغة وثورة اللغة وحرب اللغة، وغير ذلك من الأوصاف التي كانت محببة للشعراء، في النصف الثاني من القرن الماضي، على سبيل الافتتان بهذه الأفعال؛ لأنهم كانوا يسعون إلى تغيير الشعر، وبالتالي العالم، بهذه الطريقة الثورية!
هل يسير الشعراء في درب زعماء الأنظمة اليسارية؟
وهل كان الشعراء يسيرون في خط مواز للدرب الذي سار فيه زعماء الأنظمة اليسارية الذين ظلوا يرفعون شعارات الحرية والاشتراكية والتقدم إلى أمام؛ إلى الأخير؛ أي إلى آخر درجة من الهدم الذي قاموا به في بلدانهم؟ هذا التماثل بين الشاعر ورجل السلطة يعلنه صراحة فاضل العزاوي، في كتابه “الرائي في العتمة”: “أرى أن الدكتاتوريات السابقة التي عشنا في ظلها كانت تحترمنا حقًا، ولو بطريقتها الخاصة، بعكس ما يحدث الآن. كانت تُشعرنا بأهميتنا وخطورتنا كشعراء وكُتّاب ومفكرين ومثقفين، حين كانت تعتقلنا وتزج بنا في السجون، أو حتى حين تقتلنا. أما هؤلاء المسوخ الجدد، وهم جهلة من طراز فريد، فلا يكادون يشعرون حتى بوجودنا، باعتبارهم من سلالة أخرى غير سلالتنا”.
دلالة استخدام تعبيرات مثل التفجير والإرهاب في كلام الشاعر
في الحوار، يستخدم الشاعر تعبيرات مثل “التفجير” و”الإرهاب” و”القتل” كثيرًا. وعندما سألته عن سبب ذلك، أجابها: “نعم، أعتقد أن علاقتي (حدية) مع العالم ومع الكتابة”. إذن، فإن استخدام الشاعر لهذه التعبيرات يدل على حدية علاقته مع العالم ومع الكتابة. كما أنه يرى أن العلاقة بين الشاعر واللغة مختلفة عن علاقة الآخرين بها، إنها علاقة مثيرة يمكن له، بواسطتها، أن يفجر العالم، كما يفعل أي إرهابي.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً