رأي.. فريد زكريا يكتب: كيف ظهرت الفوضى بالجامعات الأمريكية في ظل احتجاجات حرب غزة؟
تلاشي الشعور بالانتماء المجتمعي
في ظل الاضطرابات المنتشرة في حرم الجامعات الأمريكية، من احتجاجات واستقطاب وتخويف ومرارة عامة، يتساءل الباحثون عن الأسباب الكامنة وراء هذا الخلل في النظام.
يُشير دوغلاس بلكين، مراسل التعليم العالي، إلى أن الاختفاء التدريجي للشعور بالانتماء للمجتمع يلعب دورًا رئيسيًا في هذا التراجع الاجتماعي. فقد أظهرت الدراسات انخفاضًا في مستويات الإحساس بالانتماء والمرونة بين طلاب الجامعات المعاصرين.
تأثير الجائحة والإعلام الرقمي
لقد أدت جائحة كوفيد-19 إلى زيادة تفاقم المشكلة، إذ عطلت الحياة المجتمعية في الحرم الجامعي وأضعفت العلاقات الشخصية بين الطلاب. ويستشهد بلكين بمساعد سكن جامعي يروي أن الطلاب لا يغادرون غرفهم إلا نادرًا، ويفضلون التواصل عبر الرسائل النصية أو مكالمات الفيديو بدلاً من التفاعل وجهاً لوجه.
كما ساهمت التكنولوجيا والإنترنت في تعميق العزلة، حيث أتاحت للأفراد جعل أوقات فراغهم نشاطًا فرديًا بدلاً من جماعي. ويستشهد فريد زكريا بدراسة عام 1995 لعالم السياسة روبرت بوتنام التي ربطت ارتفاع معدلات المشاهدة التلفزيونية بتراجع المشاركة المجتمعية.
ضعف رأس المال الاجتماعي
يشير زكريا في كتابه "عصر الثورات" إلى انهيار المجتمع في المدن الصغيرة الأمريكية على أنه أحد العوامل التي أدت إلى تراجع رأس المال الاجتماعي، وهي الروابط التي تدعم المجتمعات. فقد أدى إغلاق الشركات المحلية واستبدال الأنشطة الجماعية بأخرى فردية إلى تفريغ الأماكن العامة التي كانت توفر مساحات للاجتماع والتفاعل.
الجامعات والتراجع المجتمعي
على الرغم من أن الحرم الجامعي لا يزال يضم طلابًا موهوبين وأساتذة متميزين، إلا أنه قد شهد تراجعًا في بنائه المجتمعي. في حين أن هذه المؤسسات توفر فرصًا تعليمية غنية وأنشطة خارج المنهج الدراسي، فإن ضعف روابط المجتمع يحد من قدرتها على تعزيز التفاعلات الشخصية والثقة بين الطلاب.
انعكاس للمجتمع الأوسع
تُعد الجامعات اليوم مرآة تعكس المجتمع الأمريكي الأوسع، حيث يسود الشعور بالانعزال وعدم الثقة. فزيادة عدم المساواة الاجتماعية والتكنولوجيات التي عزلت الأفراد قد أضعفت أواصر المجتمع على نطاق واسع، مما انعكس لاحقًا على الحرم الجامعي.
وفي هذا السياق، يُصبح من الضروري معالجة الأسباب الجذرية لتراجع رأس المال الاجتماعي، مثل الاستثمار في الأنشطة المجتمعية وتعزيز العلاقات الشخصية، لتعزيز البناء المجتمعي في الحرم الجامعي والمجتمع ككل.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً