فيروس الحرب

الحرب: فيروس يكشف نقاط ضعف الدول

كما قال رئيس الوزراء البريطاني الراحل ونستون تشرشل: يمكن اختصار تاريخ العالم على النحو التالي: عندما تكون الدول قوية، ليسوا عادلين. وعندما تريد أن تكون عادلة، لم تعد قوية". فهل للقوة علاقة بالعدل؟ وهل يعكس عدل الدولة ضعفها؟

تظهر الحرب، مثل الفيروس، نقاط الضعف والهشاشة لدى المتحاربين. يتصرف الفيروس عن طريق غزو جسم الإنسان، واحتلال مكان مهم يضمن استمراره على حساب الجسم المضيف. يتغير الفيروس داخل الجسم الذي يتواجد فيه، وكذلك يتغير الجسم المضيف بشكل لا رجعة فيه (طفرة). بمجرد نجاح الفيروس في غزوه، فهذا يعني أن الهشاشة قائمة.

هل يوجد لقاح ضد الحرب؟

لا يوجد لقاح ضد الحرب، فعودة الفيروس متكررة كما علمنا علم الفيروسات. كما أن وقوع الحرب أمر مستدام، كما علمتنا علوم الحروب. وإذا ابتكر الإنسان لقاحًا ضد الفيروس، فهذا يعني فقط محاولة الإنسان تخفيف تأثير الفيروس الصحي على الإنسان.

أما بالنسبة للدول، فقد سعت إلى ابتكار لقاح ضد الحروب للتخفيف من وطأتها. ظهر هذا اللقاح من خلال إنشاء مؤسسات دولية وبيروقراطيات مساعدة لها، بهدف منع وقوع الحرب إذا أمكن، أو محاولة إدارة الأزمة لتخفيف وطأتها.

أسباب دخول الدول في الحروب

عادة ما تدخل الدول في الحرب لعدة أسباب أهمها: الخوف والمكانة والمصلحة والانتقام.

إذا اعتبرنا أن الحرب هي مثل الفيروس، فهي حتماً موجودة في عقل وجسم الإنسان. وإذا كانت الحرب تبدأ من عقل الإنسان وفكره، ألا يجب البدء من عقل وفكر الإنسان لوقف الحروب؟

عقد الحرب النفسية

بعض الحروب تشكل عقدًا نفسية لبعض الدول.

• متلازمة فيتنام: خلقت حرب فيتنام للولايات المتحدة الأمريكية ما يسمى بـ "متلازمة فيتنام". ظل هذا الفيروس الحربي موجودًا في الجسم الأمريكي حتى النصر في حرب الخليج الأولى التي وفرت لقاحًا شافيًا للولايات المتحدة.

• عقدة العراق: أدى الغرق الأمريكي في العراق إلى خلق عقدة نفسية جديدة، هي عقدة العراق. لا تزال عقدة العراق تلاحق أمريكا حتى الآن، لأن الاستثمار الأمريكي الكبير والمكلف للغاية في العراق كان لمصلحة الأعداء، وهذا أمر يناقض المفاهيم السياسية والعسكرية.

• الجبهة الشمالية لإسرائيل: شكلت حرب اجتياح لبنان عام 1982 الكثير من العقد النفسية لإسرائيل. غيرت هذه الحرب إسرائيل ولبنان. تعاني إسرائيل اليوم مما أنتجته حربها على لبنان، أي الجبهة الشمالية.

الحرب الجديدة في غزة

كان قرار سحب الفرقة 98 من خان يونس مفاجئًا، خاصة وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد قال إن السبيل الوحيد لتدمير "حماس" وتحرير الأسرى والرهائن هو عبر القوة العسكرية. فكيف سيتم الأمر بعد الانسحاب العسكري؟

قد يكون السبب في هذا الانسحاب هو وصول الحرب إلى نقطة الذروة دون تحقيق الأهداف العليا. كما أن العمل من خارج القطاع يرفع الضغوط الأمريكية عن إسرائيل."tags": [ "الحرب