الكلفة الباهظة لجمال يوسف
جمال يوسف: رحلة محفوفة بالتحديات
يولي القرآن الكريم اهتمامًا كبيرًا للعلاقة بين الرجل والمرأة، مشددًا على ضرورة التكامل بينهما. إلا أن تركيزه الأساسي ينصب على التشريعات والمبادئ الأخلاقية التي تضمن استقرار هذه العلاقة، كما يتجلى في الآية: "ومن آياته أن خلقكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة".
وإذ ترد كلمة "حب" بشكل متكرر في القرآن الكريم، فإنها تتعلق في الغالب بتعلق البشر بالمال أو السلطة أو الملذات، أو في سياق الدعوة إلى المودة والرحمة. أما المعنى المرتبط بالشغف والاشتهاء، فيقتصر تقريبًا على قصة يوسف، حيث ورد في سورة يوسف: "وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبًا إنا لنراها في ضلال مبين".
رموز الجمال في قصة يوسف
لا يمكن فهم تجربة يوسف على نحو سطحي، بل تتطلب قراءة متأنية لمسار الأحداث وإدراك الرموز المفتاحية التي تجسد الجمال اليوسفي. في هذا الصدد، تلعب الأحلام والقمصان دورًا مهمًا.
الأحلام: تمثل الجانب الاستشرافي من شخصية يوسف، إذ تنبأت بإخوته الأحد عشر وأمه وأبيه كمعنيين أساسيين بالحلم الأول. أما الحلمان الثاني والثالث فقد أظهرا قدرة يوسف على تفسير الغيب وفتحتا له أبواب التأثير والنجاح.
القمصان: تعكس مسار حياة يوسف المليئة بالعثرات والنجاحات. فالقميص الملون الذي أهداه يعقوب ليوسف كان رمزًا للنعمة والنقم في آن واحد. وقد أثار هذا التمييز حفيظة إخوة يوسف الذين رأوا فيه استئثارًا منهم، ودفعهم في النهاية إلى التخلص منه.
دلالات نزول يوسف إلى البئر
يوصف النيسابوري الثعلبي نزول يوسف إلى البئر بشكل مفصل، فيذكر أن إخوته عروه من قميصه وقطعوا الحبل الذي ربطوه به لكي يموت في البئر.
ويرى الباحث ناجح المعموري أن إلباس يعقوب القميص الملون ليوسف جاء لاستحضار صورة راحيل الغائبة، وأن القميص الأحمر الذي أهداه له الأب كان إشارة إلى الملامح الأنثوية في شخصية الابن، التي رأى فيها يعقوب تعويضًا عن غياب العنصر النسائي في بيته.
ويمثل نزول يوسف إلى البئر نوعًا من العودة إلى رحم راحيل المتحد بالأرض، تمهيدًا لولادته الثانية أو تماهيًا مع خيرات الأرض المدفونة في الظلام، والتي تتألق ثمارها في النور الساطع.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً