أعلن الرئيس التنفيذي لشركة ميتا (فيسبوك) في عام 2023؛ عن مبادرة مالية أطلق عليها "عام الكفاءة"؛ والتي جاءت بعد عامٍ قاسٍ على ميتا؛ إذ فقدت الشركة في عام 2022، حوالي ثلثي قيمتها! وتهدف تلك المباردة إلى خفض التكاليف وتحسين الربحية؛ وذلك من خلال إعادة تقييم أولوياتها والاستثمار في التقنيات الناشئة، كالذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي؛ وتحويلهم إلى مصادر إيرادات قابلة للاستدامة.

وحققت المبادرة المرجو منها؛ إذ تضاعف سعر سهم ميتا ثلاث مرات تقريبًا العام الماضي؛ وشهدت ميتا استقرارًا في الأوضاع المالية على المدى القصير؛ ما ساعد على تهدئة القلق لدى المستثمرين، بعد عام 2022 العاصف لميتا. وأدت مباردة عام الكفاءة؛ إلى استمرار قدر من التفاؤل لدى المستثمرين في عام 2024؛ إذ ارتفع السهم في الربع الأول بنسبة 40%، ووصل إلى مستوى قياسي عند 527.34 دولار للسهم.

وأتت نتائج الربع الأول لميتا مخيبة للآمال لدى المستثمرين؛ إذ من المتوقع أن تتراوح النفقات الرأسمالية لعام 2024، بين 35 إلى 40 مليار دولار؛ بزيادة عن التوقعات السابقة، والتي تراوحت بين 30 إلى 37 مليار دولار. وأدت النتائج إلى انخفاض في القيمة السوقية للشركة، بنسبة 200 مليار دولار! كما شهدت أيضًا انخفاضًا في سعر السهم بنسبة 19%.

متوقعًا الخسائر: مارك يغامر بتحول جديد في استراتيجتيه

أعلنت شركة ميتا عن نتائج الربع الأول، والتي جاءت أفضل من التوقعات؛ إذ بلغت الإيرادات 36.46 مليار دولار، مقابل 36.16 مليار دولار. وهو ما تجاهله المستثمرون؛ بسبب إصدار ميتا لتوقعات تشير إلى انخفاض في إيرادات الربع الثاني من العام، ما طغى على فارق الأرباح الذي حققته في الربع الأول لدى المستثمرين.

وفي اجتماع الأرباح؛ وهو اجتماع يعقده كبار مسؤولي الشركات لمناقشة أدائها المالي مع المحللين والمستثمرين؛ والذي يعقد عادةً بشكل ربع سنوي؛ بدأ مارك زوكربيرغ حديثه عن الذكاء الاصطناعي؛ وضرورة الاستثمار فيه؛ إذ صرح للمستثمرين أن نفقات الشركة في مجال الذكاء الاصطناعي ستفوق التوقعات. وأسهب مارك في الحديث عن Llama 3 وهو أحدث نموذج لغوي كبير انتجته ميتا؛ وتحدث أيضًا عن الإطلاق الأخير لـ ميتا للذكاء الاصطناعي Meta AI.

وقال مارك في خطوة جريئة؛ أنه يتوقع دورة استثمارية متعددة السنوات، قبل أن تتحول منتجات الذكاء الاصطناعي من ميتا؛ إلى منتجات مُربحة. وأشار مارك إلى أن الاستثمار لبناء تجارب واسعة النطاق؛ ليس جديدًا في تاريخ شركة ميتا؛ إذ استشهد باستثمارات سابقة في تطبيقات الشركة؛ والتي حققت نتائج مُرضية على المدى الطويل؛ للشركة وللمستثمرين المتمسكين بها على حد وصفه.

وأضاف زوكربيرغ؛ أن الذكاء الاصطناعي يساعد بالفعل على تحسين تفاعل التطبيقات، ما يؤدي إلى زيادة عدد الإعلانات، وتحسن جودتها لتقديم المزيد من القيمة.

Meta Llama 3 AI

ثورة الرؤية: استكشاف عالم الواقع الافتراضي بالذكاء الاصطناعي

انتقل مارك في اجتماع الأرباح، إلى الفرص المحتملة للتوسع في سوق سماعات الواقع المختلط؛ مثل سماعة رأس للعمل، أو اللياقة البدنية. ورغبةً في تحقيق ذلك؛ أتاحت ميتا نظام التشغيل Horizon OS مفتوح المصدر؛ إذ سيتمكن المطورين من إنشاء تطبيقات وألعاب جديدة لسماعات Quest للواقع الافتراضي (VR)، دون الرجوع لميتا. وقال زوكربيرغ أن تلك الخطوة، ستساعد نظام الواقع المختلط البيني على التطور بشكل أسرع.

وتحدث أيضًا عن نظارات الواقع المعزز (AR) من ميتا؛ ووصفها بأنها الجهاز المثالي؛ لمساعد الذكاء الاصطناعي، إذ تتمكن النظارة من رؤية ماتراه، وسماع ماتسمعه. ويُصمَّم مساعد الذكاء الاصطناعي لمساعدة المستخدمين في المهام وتقديم المعلومات؛ وغالبًا مايكون مدمجًا في الأجهزة.

واتضح أن وحدة مختبرات الواقع (Reality Labs)؛ تواصل في هذه الأثناء؛ تحقيق خسائر وصلت في الربع الأول إلى 3.85 مليار دولار، مقابل مبيعات بقيمة 440 مليون دولار. وتجاوزت الخسائر التراكمية للوحدة؛ 45 مليار دولار، منذ نهاية عام 2020. وفي ظل الخسائر الضخمة، أشار مارك إلى أن 98% من إيرادات ميتا مصدرها الإعلانات! إذ يرى مارك أن استثماراته الحالية، وإن لم تحقق عائدًا على المدى القريب؛ ستفتح نطاقًا ضخمًا لتوسيع الرسائل التجارية، أوالإعلانات، أوالمحتوى المدفوع في تفاعلات الذكاء الاصطناعي.

Quest 3 and ray-ban | meta

أظهرت نتائج الربع الأول من عام 2024؛ علامات مشجعة على صحة ميتا المالية على المدى الطويل، إلا أن الاستثمارات الضخمة لمارك زوكربيرغ في الذكاء الاصطناعي، والواقع الافتراضي؛ تُثير مخاوف قصيرة الأجل لدى المستثمرين. ويبقى الوقت هو الفيصل ليثبت صحة التوجه الجديد لميتا؛ ولكن في ظل التوجه العالمي للاستثمار في الذكاء الاصطناعي؛ فيبدو مستقبل ميتا واعدًا.