كيف نهضت الدولة بالقطاع الصحي؟.. خبراء: «التأمين الشامل» أبرز المكاسب
«بسطاويسي»: تقديم خدمة بأعلى جودة.. و«عثمان»: النظام الطبي المحوكم مهم
القطاع الصحي
حرصت الدولة في رؤيتها للتنمية المستدامة «رؤية مصر 2030»، على ضمان جودة الخدمات الصحية المقدمة، وأن يتمتع كل المصريين بحياة صحية سليمة آمنة، من خلال تطبيق نظام صحي متكامل يتميز بالإتاحة، والجودة، وعدم التمييز، وقادر على تحسين المؤشرات الصحية عـن طريق تحقيق التغطية الصحية الشاملة لجميع المواطنين، وإثر أهداف الرؤية، تم إصدار قانون التأمين الصحي الشامل عام 2018، الذي يهـدف إلى حصول جميع المواطنين على خدمات رعاية صحية ذات جودة عالية، فقد عملت الدولة بموجبه، على إنشاء ثلاث هيئات مستقلة تتولى إدارة نظام التأمين الصحي الاجتماعي الشامل، حيثُ تم الفصل بين تمويل النظام، وتقديم الخدمة، والرقابة على جودة تأديتها.
وترصد «الوطن» من خلال هذا التقرير، آراء المتخصصين في القطاع الصحي، حول ما تم تحقيقه في القطاع الصحي، من تطور، ومستوى الخدمات المقدمة للمواطن في الوقت الحالي، وهل مصر جاذبة للاستثمار في مجال الرعاية الصحية، وآلية الإدارة ومفهوم الحوكمة الإكلينيكية.
بسطاويسي: رؤية مصر 2030 تتضمن خطة واضحة في جذب المزيد من الاستثمارات
أكد الدكتور عمرو بسطاويسي، أستاذ جراحة القلب والصدر بقصر العيني، أن رؤية مصر الحكومية 2030، تتضمن خطة واضحة في جذب المزيد من الاستثمارات سواء القطاع الخاص المحلي أو الأجنبية، للنهوض بالقطاع الصحي، وضمان تقديم خدمة بأعلى جودة للمواطن المصري.
أضاف بسطاويسي، في تصريحات لـ«الوطن»، أن مصر بحجمها وثقلها السكاني الضخم ومع وجود رؤية حكومية لتطوير هذا القطاع، الأمر الذي يؤكد على مشاركة القطاع الخاص، مما يضمن وبقوة مشاركة إيجابية من الاستثمار المحلي والأجنبي يضمن عوائد اقتصادية مشجعة وغير مسبوقة.
وتابع، أن مصر واحدة من بين الدول التي واكبت وبشكل لصيق ذلك التطور الحادث في مجال الإدارة الطبية المؤسسية، وهو ما جعل من مصر مركزاً لنمو المفاهيم الاقتصادية في المجال الصحي بما يتماشي مع الإتجاه العالمي الحديث، وتتميز هذه المنظومة بشكل أساسي بتحول مفهوم الإدارة الصحية من شكلها الفردي الاجتهادي إلى الشكل المؤسسي المبني على وجود فرق عمل أو شركات متخصصة لتشغيل المؤسسات الطبية المبني على قواعد علمية واقتصادية متعارف عليها دولياً.
مواكبة مستثمرو القطاع الصحي لمفاهيم الإدارة الطبية الحديثة
وفيما يخص الإدارة، أشار بسطاويسي، إلى أن التجربة العملية أثبتت نجاح وتفوق الإدارة المؤسسية للمنشآت الطبية، بكل أحجامها وأنواعها على المستويين المحلي والدولي، مؤكدًا على أن هناك مواكبة من المستثمرين في القطاع الصحي لمفاهيم الإدارة الطبية الحديثة.
عثمان: التأمين الصحي الشامل يوفر الخدمات الطبية بصورة مستدامة
قال إيهاب عثمان، أستاذ جراحة أمراض الذكورة بالقصر العيني، إن حوكمة الخدمة الطبية هي مازالت اللاعب الرئيسي لتطوير الخدمة.
وأضاف عثمان، في تصريحات لـ«الوطن»، يعد تقديم الرعاية الصحية من الأمور شديدة التعقيد إذا ما قورنت بخدمات أخري، والتعقيد يتمثل بشكل عام في الفرق الجوهري بين بنية الشركات ونظم الصحة العامة، مشيرًا إلى أن مجال الرعاية الصحية هو أكثر تنوعا في منتجاته وخدماته وحجم وطرق توزيعها.
التأمين الصحي الشامل يوفر الخدمات الطبية بصورة مستدامة
وأوضح، أن احتياجات الرعاية الصحية المحلية تختلف من مكان إلى آخر و مع اختلاف وتقدم العمر، الأمر الذي يجعل الاستفادة من قنوات التوزيع للجمهور أكثر تعقيدا وأكثر احتياجا.
وإذا ما حاولنا تطبيق نفس فكر توزيعات الشركات الكبرى (خدمات أو منتجات ) نجد أن تعقيدات الرعاية الصحية تعوق من تحقيق نفس التوزيع على نطاق واسع فخدمات الرعاية الصحية هي بعيدة كل البعد عن طريقة تقديم المشروبات وخدمات مشاهدة المباريات والمسارح وخلافة.
وتابع عثمان، يجب إيجاد الوسيلة التي تخلق اتاحة تلك الخدمات بصورة مستدامة ومتساوية للجميع وفق الدستور وهو ما تفعلة الدولة حاليا من خلال تطبيق قانون التأمين الصحي الاجتماعي الشامل الجديد.
وعند اعتبار تلك الخدمات من السلع القابلة للبيع والشراء والتوزيع، فعلينا أن نجد حل اخر يكمن في التفرقة بين الخدمة الصحية الأساسية والخدمة غير الطبية المرتبطة بها. والأهم هو توفير العاملين الصحيين المدربين والأطباء والتمريض ومساعديهم وتوزيعهم جغرافيا وفق احتياجات المجتمع المصري.
وأكد أن فصل الملكية عن الإدارة هو أول طريق النجاح واستقرار واستدامة الشركات، مشيرًا إلى أن هذا يعد أكثر تعقيدا وأكثر أهمية داخل المؤسسات الصحية.
النظام الطبي المحوكم يضمن حصول المواطن على العلاج المناسب
وأشار عثمان، إلى أن الحوكمة الإكلينيكية، هي نظام متفق علية مبني وفق معايير وإجراءات طبية عالمية، بمعني أن النظام الطبي المحوكم هو من سيحمي المواطن ويضمن حصولة علي العلاج المناسب في المكان المناسب بالوقت الصحيح.
القطاع الخاص المتخصص الأقدر علي إدارة الخدمات الطبية
أكد عثمان، على أن القيادة السياسية تدفع وبشدة نحو الإدارة الرشيدة وتحديدًا في مجال الرعاية الصحية، الأمر الذي نتفق معه، لكن طريقة التنفيذ هي المحور الرئيسي للنجاح، المالك لا يجب أن يقدم الخدمة ويراقبها، والقطاع الخاص المتخصص هو أقدر علي إدارة الخدمات الطبية وتنظيمها لتعبرعن إحتياجات الجماهير المستخدمة لتلك الخدمات والقطاع الخاص هو الأقدر علي مراقبة النتائج لنضمن أن ما بنيناة يصب في تحقيق الرؤية الأساسية وهو صحة أفضل للمواطن المصري ولكل من يعيش علي أرض مصر.
سمير: مبادرات الرئيس بالقطاع الصحي قضت على الأمراض
قال دكتور خالد سمير، وكيل غرفة مقدمي الخدمات الصحية، إن المكاشفة هي أول طريق الاستثمار الناجح وأن تحديد البوصلة للاستثمار الحكومي يجب أن ينصب علي الفئات الأكثر تضرراً.
وأضاف سمير، في تصريحات لـ«الوطن»، إن مواجهة إرث من التهميش والقرارات الخاطئة على مدى أكثر من أربعين سنة في مجال الرعاية الصحية (منذ سنة 1967 وحتي 2014) والتي أدت إلي انتهاكات فظة للرعاية الصحية الأساسية، التي لمسناها بوضوح في تفشي أمراض الكبد الوبائي والفشل الكلوي و الكبدي والسرطان والأنيميا والتأقزم، الأمر الذي دفع القيادة السياسية منذ 2014 علي تقديم مبادرات صحية رائعة أدت للقضاء وبشكل كامل على تلك الأمراض، وما زال المجتمع يتحمل موازنة ضخمة لتعويض ما سبق.
وأشار إلى أن من الأهمية بمكان أن نتخلى عن الافتراض بأننا قادرون علي تحقيق العدالة الانتقالية في مجال الرعاية الصحية بدون المشاركة الكاملة للمجتمع المصري كوحدة واحدة متكاتفة فالمهمة صعبة للغاية.
العدالة الانتقالية من منظور الرعاية الصحية
أشار سمير، إلى أنه عند الحديث عن العدالة الانتقالية من منظور الرعاية الصحية، فإننا نواجه مجموعةً فريدةً من التحديات، هل العدالة التعويضية يمكن أن تتحقق بأمرٍ قضائي بسيط؟ هل لجان الحقيقة ممكن أن تصل بسهولة ويسر إلي مبتغاها في كشف حقيقة التلوث؟ هل يمكن أن نربط ما بين التلوث وانتشار الأمراض بمجتمع محيط بنشاط ما؟ هل نحن مدركين حجم المهالك الصحية التي أصابت المجتمع بسبب النظام الصحي الممتد خلال العقود السابقة؟.
وتابع وكيل غرفة مقدمي الخدمات الصحية، أن التحدي الأخطر يكمن في قدرتنا علي ابتكار أفكار خلاقة في تأمين الأموال اللازمة لتمويل تلك البرامج، لعل من غير المناسب الآن الحديث عن انعدام الموارد، وإنما عن كيفية تحديد أولويات تخصيص الموارد وكيفية التعامل مع تزاحم الاحتياجات وتوفير الخدمات الأساسية في مجال الرعاية الصحية لمناطق كاملة في البلاد، تصل إلى أكثر من نصف المجتمع.
إنشاء لجان الحقيقة للعناية الصحية
واقترح وكيل غرفة مقدمي الخدمات الصحية، إنشاء لجان تحت اسم «لجان الحقيقة للعناية الصحية»، تضم مجموعة من المتخصصون من الأطباء وعلم الاجتماع والقضاء وعلم الجريمة وخبراء مكافحة التلوث، وتوفر أسسا مهمة لبرامج جبر الضرر، تساعدها في بلوغ مستويات من الشمول وتستجيب للضحايا كافة وللعواقب المترتبة على القرارات الخاطئة الممنهجة، التي ارتكبت بحقهم والتي أدت لتفشي تلك الأمراض وهذا الحجم الهائل من التلوث.
المجتمع يجب أن يتساءل ويبحث عن حلول واقعية واجابات للأسئلة التالية، هل الرعاية الصحية حق أم امتياز؟ هل حق الرعاية الصحية الشاملة سيكون للجميع؟ هل تحويل الرعاية الصحية إلي حق سيؤدي إلي اختفاء الخدمة أم إلي تحسينها؟ هل جعل الرعاية الصحية حق للجميع سيؤدي إلي استهلاكها بدون حساب وعدم اعتبارها موردا ثمينا كما ينبغي لها أن تكون؟ هل المجتمع المصري جاهزا لتفهم طبيعة الرعاية الصحية وأهميتها؟.
التكافل الطبي والتأمين الطبي التكافلي متناهي الصغر
وأشار سمير، إلى أن أحد الحلول الفعالة يكمن في التكافل الطبي والتأمين الطبي التكافلي متناهي الصغر، وحل المشكلة الصحية في مصر يكمن في تكاتف وتكافل المجتمع وفق خطة علمية سليمة و نعتقد أن المشاركة المجتمعية الشاملة ستؤدي إلي فوائد مهمة و من أهمها، توافر الخدمة الطبية (مشاريع الخدمات الصحية متناهية الصغر) لكل الشرائح بكل المحافظات ووفق المعايير الدولية اللائقة.
أوضح، أن العلاقة بين الدخل ونسبة المشاركة في دفع سعر الخدمة الطبية (العامة أو الخاصة) هي علاقة طردية فكلما زاد الدخل كلما زادت نسبة المشاركة في دفع سعر الخدمة الطبية .
بينما العلاقة بين الدخل وحجم الحصول علي الخدمات الطبية المدعومة من المؤسسات الطبية (العامة أو الخاصة) هي علاقة عكسية، فكلما قل الدخل كلما زادت نسبة الخدمات الطبية المدعومة، فالجميع لة الحق في الحصول علي خدمة علاج الطواريء والأسعاف والأمراض المستعصية .
ونصح وكيل غرفة مقدمي الخدمات الصحية، بضرورة صياغة مذكرة شاملة حول أهمية وجود نهج شامل لتوفير الرعاية الصحية، وإنشاء الصندوق التنموي للمتضررين من التلوث ، بالإضافة إلى دراسة مستفيضة للمجتمعات المحلية الأكثر تضررا صحيا و للفئات الأكثر تهميشا، وخلق سياسة قوية لتشييد البنية التحتية وتوفير الخدمات في مجال الرعاية الصحية، وإسناد إدارة الأصول الطبية كلها لشركات مصرية متخصصة مع وضع نظام دقيق للمراقبة والتدقيق من قبل جهات مستقلة.