قضية الطالب فيصل بركات بين الاختفاء والنسيان وحتمية الانبعاث من جديد

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/66297a41a96d31.80736803_jgikqlhomnefp.jpg width=100 align=left border=0>



السمينار الأسبوعي المتجدد لشهادات الذاكرة الوطنية المُغيَّبة وما أكثر الملفات التونسية المغيبة:
مع الأستاذ المشرف على الملف خالد مبارك، الناشط الحقوقي والمستشار برئاسة الجمهورية سابقا

...

يوم السبت 27 أفريل 2024 على الساعة التاسعة والنصف صباحا


تقديم الندوة
جريمة قتل الطالب فيصل بركات تحت التعذيب في 8 أكتوبر 1991 هي الأولى المبنية على شهادة تشريح طبّي تعترف به الدّولة المذنبة كوثيقة رسميّة. محرّرها في قضية الحال هو الأستاذ الدكتور الصادق ساسي وهو آخر من رأى الشهيد حيّا وهو ينازع الموت حيث وثّق حالته تلك علميّا ونهائيا وهو بهذا المعنى أهمّ شخصية في القضية بِرُمَّتها وعملُه هو الذي مكّن، بتاريخ 29 مارس 1994، الحقوقي خالد مبارك من رفع القضية إلى اللجنة الأممية ضدّ التعذيب في جنيف، التي حكمت بإدانة السلطة في 10 نوفمبر1999.
بقيت السلطة تماطل إلى سقوط النظام، حيث حصل الشاكي على موافقة قضائية لإخراج رفات الشهيد في إطار شكوى رفعتها عائلة الشّهيد أمام القضاء التونسي بالتنسيق مع الشاكي العائد لتوّه من منفىً لعشرين سنة وقد التحق برئاسة الجمهورية كمستشار لحقوق الإنسان حيث وجد في الأرشيف الرئاسي قضية الشهيد بمتابعة مواظِبة من الجنرال بن علي بنفسه، مع ثلّة مُختارة من المستشارين العاملين على قضية بركات خصّيصا.

أخبار ذات صلة:
رسالة مفتوحة إلى الدوائر المتخصّصة في العدالة الإنتقالية...


نتج عن إعادة فحص العظام ليوم 1 مارس 2013 توكيدُ ما جاء في التشريح الأصلي للدكتور ساسي من أن الوفاة ناتجة عن التعذيب ولم يبْقَ حينها إلاّ تحميل المسؤوليات الجنائية وإنفاذ العدل كما توافق عليه التونسيون بعد ثورة 14 جانفي 2011. في تلك الأثناء، بقيت الدّولة العميقة تسعى لقبر القضية بالتسويف والتحيّل القضائي وتسليط غرباء على عائلات الضحايا لممارسة الترغيب والترهيب، بهدف المتاجرة بدم الشهيد وضمان الإفلات من العقاب، كما عرضه خالد مبارك ووثّقه على هذا المنبر الموقّر في ندوتين سابقتين (15/12/2016 و28 جويلية 2018).

ولمواجهةِ سياسة ربح الوقت، كانت جهود الشاكي مُركَّزة، خاصّة نحو المنظّمة العالمية ضدّ التعذيب (OMCT) التي هو عضو فيها منذ 1994، على السّعي لإكساء حكم اللجنة الأممية لسنة 1999 صبغة القانون التونسي بحيث يُدمج في الشكاية المحلّية وتُكيَّف الأفعال حسب القانون التونسي والعدالة الإنتقالية دون أدنى حاجة إلى تكرار بحْثٍ وتحقيق تواصلا لخمس سنين ونصف بالأدلّة المادّية والإختبارات العلميّة الدّولية والوثائق الرّسمية والشهود الأحياء. كان ذلك هو الحلٌّ المنطقي والعملي لإشكالية مستجدّة في الرّبط بين الدّولي والدّاخلي تُمكِّن من الذّهاب بالحلّ الأممي إلى مداه بردّ الحقوق وإنصاف الضّحايا وضمان عدم تكرار الجريمة. في هذه المرحلة، كان الشاكي قد أعلم اللجنة الأممية منذ 2013 بالتوجّه نحو الحلّ الدّاخلي فاستبشرتْ وطلبتْ من الشاكي في رسالة ممضاة من قبل إبراهيم سلامة، مواصلة إعلامها حينيّا بما يطرأ في القضية.

إلاّ أنّه في نفس الفترة كانت النمساوية غابرييلي رايتر Gabriele REITER، ممثّلة المنظّمة العالمية ضدّ التعذيب في تونس منذ 2011 تسعى لوضع يدها على القضية لتوجيهها لصالح الجلاّدين و آمريهم، مستغلّة نفاد صبر ممثّل العائلة من طول الإنتظار وتوزّع القضية بين العدالة الرسمية والإنتقالية وصنوف الجدل المُحبطِ من قبيل إنهاء مسار العدالة الإنتقالية أو العفو التشريعي الخاص أو مدى مشروعية عدالة على درجة واحدة من التقاضي وما شاكل ذلك.

كان الشاكي قد تواصل مع الألماني جيرالد سطابيروك Gerald Staberock مدير المنظمة العالمية ضدّ التعذيب وعقد معه جلسات عمل لساعات عديدة في مكتبه بجنيف وبطلبِ منه. لكن الأخير كان دوما يمتنع عن مجرّد ذكر إسم غابرييلا رايتر، فبدأ الشاكي يُعلم الرأي العام بما يحصل فإذا بالمدير يبلغه كتابيا بِفَصْله من المنظمة بقرار ممضى من رئيستها، هينا جيلاني في خرق صارخ للقانون الأساسي الذي يشترط وجوبا، قبل فصل العضو المذنب، أن يتمّ استدعاؤه أمام هيئة المنظّمة لمساءلته وسماع حُجّته قبل أيّ قرار بشأنه، وهذا لم يحصلْ أبدا ممّا جعل الشاكي يرفض الإعتراف بالقرار المذكور ويعتبر انتسابه للمنظّمة قائما حتى يُحْسَم قانونيا. فضلا عن أن ادّعاء تورّط الرئيسة هينا في هذه الممارسات يصعب تصديقه ولا دليل عليه في ظلّ التعتيم الذي يفرضه الثنائي رايتر/ سطابيروك .
ولكنّ الأمر يتّوضّح بداية من 3 ماي 2019، حيث أرسلتْ رايتر المذكورة مكتوبا إلى اللجنة الأممية نشرته على هذا الرابط
يمكن استخلاص الآتي بعد قراءته :
1. في خرق فاضح لقواعد عمل المنظّمة، رايتر تُزيح الناشط المحلّي الشاكي وممثّل الضحية وتدّعي الحلول محلّه بعملية قرصنة فيها شُبهةُ فساد حول بعض أعوان المفوضية السامية
2. رايتر المذكورة تتبنّى رسميا أطروحة السلطة بأن القضية هي إخلالات طبّية سببها أطبّاء التشريح وتتحوّل إلى طرفٍ في القضية يُصادم الشاكي مباشرة وبعنف
3. رايتر تضع الأطباء في قائمة المتّهمين المُدانين في سياقِ مصادقةٍ ضمنيةٍ منها على ذلك ليصبح شاهدُ الإثباتِ هو المتَّهم الأوّل وهذا موقف يستحيل تصوُّره من قبل فاعل على اطلاع بكل كبيرة وصغيرة عن طريق الشاكي مباشرة، ممّا يفاقم شُبهاتٍ مريعة لا يساهم صمتُ الموظّفة المعنيّة في تبديدها…
4. رايتر تتبنّى أطروحة "المحقِّق" المُزيَّف لهيئة الحقيقة والكرامة رضوان الوارثي (مدير ديوان سابق لوزير العدل، وبصفته تلك لا يحقّ له العمل مع الهيئة)، في لائحة الإتهام التي أمضاها الوارثي باسم الهيئة، فجاءتْ مسْخا كاريكاتوريا لقضية يخوض فيها من لا معرفة له بها (جزء هام منها خلطٌ فجٌّ بين قضيتَيْ فيصل بركات ورشيد الشماخي) وهي لا تصمد أمام أيّ نقد قانونيّ وقضائيٍّ ولا تحمل أيّ رؤية لكيفية إنهاء القضية لتزيد من التعقيد المصطنع الذي أحدثته الدّولة العميقة قبل الثورة وبعدها.

في تلك الأثناء كان الشّاكي يحاول بجميع السّبل إعادة ربط الصّلة باللجنة الأمميّة التي كان قد دخلها عبد الوهاب الهاني كعضوٍ برعاية حكومية. تمكّن الشاكي من تبادل بعض الرسائل الإلكترونية مع أعوان استقبال بالهاتف في المفوّضية السامية أكّدوا له أن رايتر هي التي أعلمت اللجنة بحلولها مكانه بتوكيل رسمي من جمال بركات. كما أكّدوا له أن رسائله المضمونة مع الإعلام بالوصول إلى رئيس اللجنة و إلى المفوّضَة السامية لحقوق الإنسان ميشال باشليMichèle Bachelet وصلتْ و لكن لا يُعْرَف مصيرها كما أقرّ متحدّث بأنه لا يستطيع تأكيد ما إذا كانت اللجنة أو المفوّضية قد قامتا بإبلاغ الشاكي التطوّرات التي طرأتْ على قضيته أو حتى إن كان رئيس اللجنة أو المفوّضة السامية على علم أصلا بتلك التطوّرات ...

كان الشاكي في مراسلاته يطالب بتفسير لما يجري من اختفاء أو إخفاء قضيته بدون أن يَبْلُغه أيّ خبر عن ملابسات ذلك و يَذكُر صراحةً توصُّلَ الدّولة العميقة وعملائها المحلّيون و الدّوليون إلى اختطاف قضية الشهيد لتسخيرها لمصالحهم مع الدّولة التورسيوقراطية العائدة إلى المشهد السياسي ببطء و ثبات...

عند هذا البعد الخطير الذي بلغته المسألة كان لا بدّ للشّاكي من كسر طوق الصّمت المافيوزي المضروب على قضية الشهيد الذي يُراد دفنه للمرّة الثالثة. ولعلّ ذلك سيكون بطرح القضية من جديد على الرّأي العام مع مساءلة كلِّ من له صلة بها أو وضع يده فيها بأي صفة و في أيّ مرحلة كانت وسواء كان(ت) تونسيا(ة) أو أجنبيّا(ة)، مع إشارة خاصّة للمفوّض السامي لحقوق الإنسان ومن يمثّله و سفراء تونس بجنيف بين 1993 و 2022 ومساعدو الرئيس الأسبق بن علي في الرئاسة و في الحكومة (على سبيل الذّكر: عياض الودرني-بشير التكاري-كمال مرجان-محمد الناصر-صادق شعبان-عبد الله القلال…) لعلّ ندوة مؤسّسة التميمي للبحث العلمي و المعلومات ليوم السبت 27 أفريل 2024 تكون فرصة لتحرير الضّمائر وتصحيح مسار العدالة وتكون بالتالي الخطوة الأولى في الألف ميلِ الجديدة المُقدَّرِ على الشهيد قطْعُها ...

أ. خالد مبارك، هو لاجئ سياسي بفرنسا من 1992 إلى 2012، و كان أحد المحررين لمجلّة l’Audace وقد تولى رئاسة تحريرها وقد أشرف على إعداد عدد خاص عن تونس في مجلة بلجيكية مختصة في حقوق الإنسان حول 10 سنوات من التعذيب في تونس، وقد ساهم في إعادة توطين لاجئين مهدَّدين بالتسليم إلى البوليس التونسي في بلدان إقامتهم، من قبل HCR، كما أنه شارك في الندوة العالمية لحقوق الإنسان بفيينا Vienne في جوان 1993 ونشط في عديد المؤتمرات الدولية دفاعا عن حقوق المواطنين الذين لحقهم التعذيب.، وواكب الدّورة التكوينية للمعهد الدّولي لحقوق الإنسان باسترازبورغ، كما ساهم في إدانة النظام التونسي من طرف اللجنة الأممية ضد التعذيب في العشريات الثّلاث الماضية .

والدعوة موجهة إلى جميع المهتمين والمعنيين لحضور هذا المنتدى وتفعيل الحوار بكل أريحية يوم 27 أفريل 2024 ابتداءا من الساعة 09.30 صباحا.

تأطير أ. خالد مبارك والأستاذ عبدالجليل التميمي
العنوان المنطقة العمرانية الشمالية – عمارة الامتياز – 1003 تونس الهاتف 0021671231444. – الفاكس 0021671236677

البريد الإلكتروني fondationtemimi@yahoo.fr fondationtemimi@gnet.tn



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 286376


babnet
All Radio in One    
*.*.*