يوتوبيا عالم ما بعد النُدْرة
يوتوبيا الوفرة: رؤية من الماضي والحاضر
كانت الندرة محركًا رئيسيًا للصراع البشري على مر العصور. فقد أجبرتنا موارد الطبيعة المحدودة على خوض غمار صراع تطوري من أجل البقاء وتمرير مورثاتنا، مما أدى إلى نشوء فكرة التنافس.
تنبأ الاقتصادي جون ماينارد كينز في عام 1930 بأن البشرية ستتمكن من حل معضلة الندرة الاقتصادية بحلول عام 2030، مما يؤدي إلى عصر الوفرة. وبالفعل، شهدنا زيادة كبيرة في الإنتاجية على مدار القرن الماضي، لكن ساعات العمل الأسبوعية لا تزال بعيدة عن الـ 15 ساعة التي توقعها كينز.
سؤال المعنى في عالم ما بعد الندرة
يتساءل الفلاسفة عن معنى الحياة وإيجاد غرض أسمى يتجاوز إشباع الاحتياجات البيولوجية. وفي مجتمع ما بعد الندرة، يطرح هذا السؤال تحديًا أكبر، حيث تختفي التهديدات والمخاطر التي كانت تخلق معنى في حياتنا.
يناقش الفيلسوف نيك بوستروم في كتابه "يوتوبيا عميقة" هذا التحدي، ويحاول تقديم تصورات عن كيفية إيجاد المعنى في عالم خالٍ من الندرة. ويقترح أننا بحاجة إلى تنشيط جهازنا الميتافيزيقي وإيجاد حوافز ذاتية لخلق الأهداف والمعنى.
تنشيط الجهاز الميتافيزيقي
يوضح بوستروم أن المعاناة ليست شرطًا ضروريًا للعثور على المعنى في الحياة. ويمكن أن نجد المعنى في الخيال والكتابة والأشكال الفنية الأخرى التي لا تنطوي على تهديد جسدي.
ويضرب بوستروم مثال الحرب، حيث نتفاعل مع البطولة والتضحية فيها، لكننا لا نتمنى الموت لنا أو لأحبائنا. وبالمثل، فإننا نستمتع بأفلام الدراما التي تنطوي على معاناة شديدة، لكننا لا نرغب في تجربة تلك المعاناة في حياتنا الواقعية.
يقترح بوستروم أن التطور السريع للذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى إعادة تعريف مفهوم المتعة والمعنى والغرض في حياتنا. وبينما ستقل الأحداث الدراماتيكية في حياتنا، سنحتاج إلى إيجاد طرق لإثارة جهازنا الميتافيزيقي بشكل ذاتي وخلق المعنى والهدف من مصادر غير مادية.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً