وأج: المغرب العربي قد انتقل من الشعارات إلى الأفعال
دبلوماسية البراغماتية في شمال إفريقيا
إنشاء تكتل إقليمي جديد
تعتبر القمة الثلاثية التي جمعت رؤساء الجزائر وتونس وليبيا في تونس بداية لدبلوماسية جديدة مبنية على البراغماتية. ويُنظر إلى ظهور هذا التكتل الإقليمي الجديد كدليل على أن الحركة في السياسة، كما في الحياة، هي دائمًا أفضل من الجمود.
وقد أُطلق على القمة الثلاثية التي ضمّت الرؤساء الثلاثة الجزائري والتونسي والليبي أسماء مختلفة منها "اتفاق قرطاج" و"اتحاد المغرب العربي مكرر" و"ثلاثي تونس". وتوقّع المتشائمون ألا تُعقد هذه القمة أبدًا.
وفي يوم 22 أبريل 2023، عُقد اجتماع تأسيسي لنهج جديد. وفي العام المقبل 2025، سيكون قد مر 30 عامًا بالضبط على إعلان شهادة الموت السريري لاتحاد المغرب العربي الذي لم يعد موجودًا بالفعل.
تجميد اتحاد المغرب العربي
في عام 1995، أعلن وزير الشؤون الخارجية المغربي وقتها فيلالي عن تجميد اتحاد المغرب العربي. ومنذ ذلك الحين، تم تعطيل جميع مؤسسات الاتحاد باستثناء الأمانة العامة لهذا "الاتحاد" التي خضعت لرقابة المخزن المغربي الذي كان يؤجرها ويستخدمها عند الضرورة لإضفاء الشرعية على أعماله من خلال موافقة مزعومة لهذا الاتحاد المغاربي.
وللتذكير فإن وزير الشؤون الخارجية المغربي فيلالي كتب في عام 1995 لنظرائه في اتحاد المغرب العربي لإبلاغهم عن تجميد هذا الاتحاد. ومنذ ذلك الوقت، لم يعد هناك وجود لاتحاد المغرب العربي بحجة مشكلة الصحراء الغربية.
مبادرة قرطاج
كانت قمة قرطاج فرصةً لمناقشة الوضع الراكد لهذا الاتحاد. ومن الواضح أنه بعد غيبوبة عميقة لا يمكن إنعاش كيان كان في حالة موت دماغي لفترة طويلة، وهي الحالة التي تنطبق على اتحاد المغرب العربي.
ومن المفارقات أن الجزائر، التي اتُهمت بأنها المسؤولة عن هذا الوضع، هي التي دعت أشقاءها المغاربة إلى التفكير في سبيل آخر. وقد حذت تونس حذو الجزائر فعقدت قمة قرطاج.
لم يخف الرئيس تبون أبدًا نواياه عندما يتعلق الأمر بالتعاون والتبادلات السياسية والاقتصادية في إطار إعداد خارطة طريق ثلاثية. وسبق القمة العديد من الإعلانات، مثل إنشاء خمس مناطق للتجارة الحرة مع مالي وموريتانيا والنيجر وتونس وليبيا على وجه التحديد، على الرغم من السلوك العدائي لحكومات بعض دول هذه المجموعة.
وترمي هذه المبادرة إلى تمهيد الطريق لحين عودة دول الجوار إلى رشدها. ومن المعروف أن جميع الدول الأفريقية منضمة اليوم في مجموعات إقليمية باستثناء شمال إفريقيا بسبب المغرب الذي فضل تحالفات مع إسرائيل ومحاولة الانتماء لهياكل تنظيمية أخرى في المشرق.
ومنذ 30 عامًا، شكلت مساهمات ومنح واتحاف موظفي اتحاد المغرب العربي عبئًا على الدول الأعضاء التي لا تحتاج إليها.
الجزائر في صدارة الدبلوماسية
رافقت الجزائر التي احتلت الصدارة في المجال الدبلوماسي اقتراحها بديناميكية براغماتية شملت الملفات الأكثر إلحاحًا، مثل أمن الحدود المشتركة ومكافحة الهجرة غير الشرعية وإطلاق مشاريع استثمارية كبرى تخص الطاقة وإنتاج الحبوب وتحلية مياه البحر والتحديات المناخية.
وقد تم تعيين مجموعات عمل مشتركة لتسريع تحقيق هذه الرؤية مع توقيع اتفاق لمعالجة ملف المياه الجوفية المشتركة في منطقة شمال الصحراء بين الجزائر وتونس وليبيا، والتي كانت مصدرًا لتوترات كامنة بين الدول الثلاث منذ استقلالها.
اتحاد استراتيجي جديد
جرؤ الرؤساء عبد المجيد تبون وقيس سعيد ومحمد يونس المنفي على رفض الوضع المتردي لاتحاد المغرب العربي وشرعوا في مبادرة حازمة تتجاوز مجرد التواجد في مجموعة الثلاثة إلى إنشاء اتحاد استراتيجي للتكيف مع التغيرات الإقليمية والدولية.
يمثل إنشاء مجموعة الدول الثلاث خطوة أولى لتأسيس حلف دول شمال إفريقيا الذي ستنضم إليه موريتانيا يومًا ما. ولا يمكن سواء للاتحاد الأوروبي أن يغض الطرف عن تطلعاتهم المشتركة نظرًا للموقع الجغرافي والموارد التي يزخر بها الشركاء الثلاثة، ولا للاتحاد الأفريقي نظرًا لقوة هذا التكتل المترابط، ناهيك عن الدول التي تتدخل في شؤون الآخرين والتي لن تستسيغ هذا العمل الجماعي الذي يجسد السيادة.
يعتبر التحالف الذي نشأ في قرطاج بديلاً إقليميًا استباقيًا سيفرض نفسه بمرور الوقت كشريك موثوق ومسؤول تجاه الكيانات الشريكة الأخرى.
وهكذا، انتقل المغرب العربي من الشعارات إلى الأفعال، بغض النظر عن موقف الآخرين.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً