"كافيه دو فرانس".. تشرشل وهتشكوك وأورويل مرّوا من هنا

مقهى دو فرانس: تاريخ وحكايات في قلب مراكش

تأسس مقهى دو فرانس في قلب مدينة مراكش العريقة عام 1915، إبان فترة الاستعمار الفرنسي، ليكون شاهدًا على التحولات الثقافية والاجتماعية التي طرأت على المدينة. وقد ارتاده نخبة المجتمع المغربي من رواد الحركة الوطنية والفنانين والمثقفين، ليصبح منارة ثقافية ومساحة لتلاقي الأفكار المختلفة.

من فضاء استعماري إلى رمز للمقاومة

بني المقهى على الطراز المغربي الأصيل، معواجهات عريضة ونوافير وزخارف من الزليج، فضلاً عن سطح واسع يطل على ساحة جامع الفنا. وقد تحول المقهى في البداية إلى مكان لتجمع المستعمرين الفرنسيين، وهو ما قوبل برفض واستنكار من المغاربة الذين اعتبروه انتهاكًا لثقافتهم. ومع تصاعد المقاومة الوطنية، أصبح مقهى دو فرانس رمزًا للتحدي ضد الاستعمار، وشهد أحداثًا تاريخية هامة، مثل اغتيال القائد العسكري الفرنسي هوتفيلد أمام أبوابه.

ملتقى الأدباء والمشاهير

بعد رحيل الفرنسيين، عاد المقهى إلى ملكية مغربية، وحافظ على طرازه الأصيل. وقد شهد المقهى على مر السنين توافد الأدباء والفنانين ورؤساء الدول والمشاهير، من بينهم الكاتب الألماني إلياس كالتييه الحائز على جائزة نوبل، والكاتب جورج أورويل مؤلف رواية "1984"، والمخرج السينمائي ألفريد هتشكوك، ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل الذي رسم من سطح المقهى لوحته الشهيرة "مسجد الخربوش". كما كان المقهى فضاءً ملهمًا للشعراء والمثقفين المغاربة، أمثال أحمد بلحاج وآيت وارهام ومصطفى غلمان.

رمز ثقافي وفضاء إبداعي

لم يكن مقهى دو فرانس مجرد مكان لتناول القهوة والشاي، بل كان أيضًا فضاءً ثقافيًا وإبداعيًا. وقد احتضن العديد من الأحداث الثقافية والفنية، وظل مصدر إلهام للكتاب والفنانين لعقود طويلة من الزمن. كما يمثل المقهى نموذجًا لتأثير المقاهي في تشكيل الهوية الثقافية، ودورها في توفير مساحة للتعبير الحر وتبادل الأفكار في العالم العربي.