غزة وملامح الأدب الفلسطيني الجديد
أدب غزة في ظل الحصار والعدوان
منذ عقدين من الحصار الخانق على قطاع غزة، بدأت تظهر كتابة أدبية جديدة تحمل خصوصية المكان والحصار، لفتت أنظار النقاد والمهتمين بالشأن الثقافي. ففي هذا الشريط الضيق على ساحل البحر المتوسط، حيث تضيق مساحة العيش وتدمر البنى التحتية، ينشأ أدب مقاوم للاحتلال والضيق، ساعيا لكسر الطوق والتحليق في آفاق الحرية.
الأدب كمقاومة للاحتلال
في سجن قطاع غزة، حيث الحروب المتتالية والغارات المستمرة، يصبح الأدب والفن بمثابة ملاذ للكاتب لتأمل نفسه ومكانه. هنا يتسع الضيق ويخترق الأفق حدود المكان، لتتحول الكلمات إلى سرب لا يحلق في غزة فحسب، بل يعبر الحدود والبحار. ومن الأمثلة الملهمة على ذلك مجموعة "عباءة البحر" للكاتبة نيروز قرموط، والتي تُرجمت إلى اللغة الإنجليزية، لتجسد عبقرية الإنسان والكاتب في ظل الأسر والحرمان.
سمات الأدب الجديد في غزة
يتسم الأدب الفلسطيني الجديد في قطاع غزة بالعديد من السمات المميزة، منها:
- كسر الجدران والتحليق في السماء: حيث يمتاز الأدب بغلبة الخيال الجمالي الذي يتجاوز الحدود الجغرافية والقيود المفروضة على المكان.
- تحرر اللغة من الجماليات الكلاسيكية: إذ لم يعد الحال نفسه بليغا بحد ذاته، بل صار على الكاتب وصفه والتعبير عنه ببساطة وواقعية.
- لغة إبداعية بوصف إنساني بليغ: يستلهم الأدباء لغتهم من حياة الناس البسطاء ولغتهم، ويجعلون من هؤلاء البسطاء أبطالاً لقصصهم، خاصة النساء والأطفال.
- النزعة الإنسانية بعيداً عن السياسة: ينتصر الأدب للإنسان المهمش والمنسي، متجنباً الدخول في معمعان السياسة الفئوية.
الأدب في زمن الحرب
تتجلى سمات الأدب الجديد في قطاع غزة بشكل خاص في ظل الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع. وقد ظهرت العديد من الظواهر الأدبية اللافتة:
- انتشار أدب اليوميات: حيث اتجه الكتاب والفنانون الشباب إلى تدوين يومياتهم ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة فيسبوك.
- شهادات الناجين: حيث يوثق الكتاب والكاتبات شهادات الناجين من الحرب والدمار، ويخلدون ذكرى الراحلين، في رسالة نبيلة رغم صعوبتها.
- فوز رواية "قناع بلون السماء" للكاتب الأسير باسم خندقجي بجائزة البوكر للرواية العربية: يفتح هذا الفوز الطريق لظهور المزيد من الأعمال الأدبية المقاومة للاحتلال والأسْر في السنوات القادمة.
في ظل الحصار والعدوان، يظل أدب غزة شمعة مضيئة تنتصر للإنسان ومقاومة النفي والموت. إنه أدب الاعتقال في الفضاء، في أكبر سجن يتعرض الآن للقتل والتدمير، ولكنه سيظل شاهداً على الصمود والإبداع في ظل أبشع أشكال الظلم والاضطهاد.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً