الفلسفة والاستقلال الأكاديمي.. في محاولة التفكير بالجامعة اليوم
الفلسفة وفكرة الجامعة الكلاسيكية
لم تعد الفكرة الفلسفية عن الجامعة التي ورثناها عن كانط ومدرسة "المثالية الألمانية" كافية للتفكير في التحديات التي تواجه هذه المؤسسة اليوم، المرتبطة بالنظام النيوليبرالي. بل إن أي تفكير في الجامعة انطلاقا من ذلك المثال الكلاسيكي للتكوين لا يدرك هذه التحديات ولا التحولات التي يمر منها العالم، وقد يؤيد الوضع القائم الذي يمثله "التكوين الزائف" كما يرى ذلك الفيلسوف ثيودور أدورنو.
إن رطانة النقاء والحقيقة التي ميزت فكرة الجامعة -من إيمانويل كانط إلى جاك دريدا- قد تحولت إلى عقبة للتفكير في هذه المؤسسة ومآلاتها، علاوة على أنها لم تفهم الجامعة باعتبارها مؤسسة اجتماعية تقوم على إعادة إنتاج الواقع الاجتماعي بتراتبياته السائدة.
تحول فكرة الجامعة في ظل النيوليبرالية
تعيش مؤسسة الجامعة تحولات جذرية في العقود الأخيرة، ولا يمكن للفكرة الفلسفية عن الجامعة كما تتردد في الفلسفة الحديثة أن تسعفنا في فهم هذه التحولات التي تعيشها، بل ستحجب عنا رؤية الواقع ومعه واقع هذه المؤسسة.
إن تحول الجامعات إلى كليات تقنية يمثل أحد أبرز التحولات التي تواجهها، وهو ما حذر منه الفيلسوف الفرنسي جان فرانسوا ليوتار في كتابه "الوضع ما بعد الحداثي".
الفلسفة ودورها في الجامعة
على الرغم من الموقع المركزي للفلسفة داخل الجامعة الحديثة، فإن علاقة الفلاسفة كانت دائما إشكالية بهذه المؤسسة. وقد انتقد بعض الفلاسفة مثل شوبنهاور النظام الجامعي الفلسفي معتبرين أنه ضار.
وفي هذا السياق، لعب فلاسفة فرنسيون بارزون مثل بورديو وفوكو ودولوز دورًا في الدفاع عن الجامعات ضد التأثيرات الخارجية، لا سيما من جانب الصحافة التي سعت إلى تحديد "إنتاج وتداول الأعمال الجامعية".
استقلال الجامعة وتحدياتها
تواجه مؤسسة الجامعة أزمة كبيرة ناتجة عن طلاق واضح بين المؤسسة والأسس التي قامت عليها، وهي جزء من أزمة أكبر تضرب النظام الديمقراطي ككل في زمنه النيوليبرالي.
وتتمثل إحدى هذه التحديات في تغلغل المنطق الاستهلاكي في الجامعات، والذي يتمثل في الحط من اللغة العربية والإبداعات العربية، على الرغم من أن الكثير مما يكتبه الباحثون العرب باللغات الأجنبية لا يتجاوز مستوى تقارير أجهزة المخابرات.
كما أن غياب التقاليد الفكرية وللعبة مرنة بين الأجيال داخل الجامعات العربية يمثل تحديًا آخر، ويرتبط الأمر ليس فقط بالبنى السلطوية للمجتمع، ولكن أيضًا بالأنانيات الصغيرة والمتخلفة التي قد تحرم جيلا بأكمله من حقه في الإبداع والمعرفة.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً